معدن الذهب
يعتبر معدن الذهب من أكثر المعادن شهرة على مر التاريخ، ومن أكثرها استخداماً في صناعة الحليّ، فقد زين صدور النساء وأياديهن، وتفاخرت إحداهن على الأخرى بما تقتني من صياغة هذا المعدن، وما صياغة الذهب إلا الخاتمة الفنية لمسار طويل ومضن من مراحل صناعة الذهب.
ومع وصول الأزمنة الحديثة و ظهور النقد، أصبح الذهب هو الرصيد المقابل لقيمة العملات المطبوعة، وبقي حافظ القيمة حتى بعد فك العلاقة المباشرة بينه و بين الدولار، ومع كل ركود أو كساد أو تضخم عالمي – كما نشهد اليوم – يعود الجميع دولاً ومصارف وأفراداً للملاذ الآمن : إنه الذهب .
الذهب الذي تصنع منه أغلى الهدايا و الجوائز، ففي الرياضة مثلاً تكون الميدالية الذهبية هي الأعلى منزلة، وفي كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية يحوز المنتخب الفائز على كأس العالم وهو تحفة فنية مصنوعة من الذهب ليدل على مستوى التقدير الأعلى.
مقدمة حول معدن الذهب
الذهب هو عنصر كيميائي رمزه (Au). ذو مظهر براق. ومن أكثر المعادن قابلية للتشكيل. والذهب عنصر مستقر ولا يتأثر بالحموض. إضافةً إلى قابليته العالية للسحب والطرق، وناقليته الكهربائية العالية، ومقاومته للتآكل. لذلك لم يشبه أو يعادل الذهب أي معدنٍ آخر. وهذا سبب تفوقه على باقي المعادن، واحتفاظه بقيمته الكبيرة منذ العهود القديمة.
وجود معدن الذهب في الطبيعة
يعد الذهب من المعادن النفيسة التي عرفها الإنسان منذ عشرات القرون. ومعدن الذهب يوجد في الطبيعة على شكلين : فإما أن نجده بشكل حر، أو مشوباً بمعادن أخرى.
صحيح أن معدن الذهب عنصر نادر، لكنه منتشر في الطبيعة ولو بكميات ضئيلة. ويوجد في الطبيعة في نوعين من الأماكن:
أولاً. في مكانه الأصلي (رواسب أولية):
تعني الرواسب الأولية هنا، الأماكن القديمة الأصلية التي وجد فيها ولم ينتقل منها. الذهب الخامي موجود على شكل عروق، كانت في أماكن تجمعات مائية حارة وقتها، وذات أصل ناري حمضي، و لم يتعرض للانجراف في مسيل مائي، فبقي في مكانه الأصلي. فعندما تتفكك العروق الحاملة للذهب بفضل العوامل الجوية، قد يبقى في التربة الموضعية قريباً من مكانه الأصلي، أو ينتقل بواسطة المسيلات المائية كالأنهار و السيول.
ثانياً. في التجمعات النهرية (رواسب منقولة):
تنقل المسيلات المائية الجارفة التربة المحملة بالذهب و شوائب المعادن الأخرى. مما يجعل الذهب الخامي المشوب يترسب على شواطئ الأنهار مكوناً التجمعات النهرية. وبسبب الوزن النوعي الكبير للذهب، فإنه يترك المكونات الفيزيائية الأخرى من معادن و فلزات، والتي تكوّن الرمال والحصى. وبالتالي فإننا نجد الذهب أمام أو خلف النتوءات الموجودة في مجرى النهر أو المسيل المائي. أو في الثغرات أو التكهفات في قاع و جانب المجرى. وهذا ما يقصد برواسب الذهب في التجمعات النهرية.
شكل الذهب المتداول
تشكل السبائك الذهبية أول أشكال التداول بالذهب. لأن الذهب لا يكون نقياً و مفصولاً عن باقي المعادن قبل مرحلة السبائك. وهذه السبائك المصبوبة من مصهور الذهب هي ناتج سلسلة طويلة ومعقدة من مراحل التصنيع للذهب الخامي.
ويتم التعامل بهذه السبائك، التي تشكل كتلاً قياسية من الذهب النقي. والذي يخضع بعد مرحلة السبيكة للمرحلة الأخيرة من صناعة الذهب. وهي تشكيله (صياغته) على شكل حلي ومجوهرات غاية في التنوع و الفن، أو على شكل ليرات أو سبائك صغيرة بغية الادخار الفردي أو العائلي.
عيار الذهب
وتحدد نسبة الذهب في القطع الذهبية بما يسمى (العيار). والعيار هو رقم يعبر عن نسبة الذهب مقارنةً بنسبة المعادن الأخرى الموجودة في القطعة المراد تحديد عيارها.
إن نسبة الذهب في العيار /24/ هي أكبر منها مقارنة بالعيار /18/، حيث تكون نسبة المعادن الشائبة للذهب أكبر. لذلك فإن سعر غرام الذهب /24/ أعلى من سعر الذهب عيار /18/.
واحدة عيار الذهب تسمى (القيراط). وما يطلق عليه الذهب الخالص(أي النقي) هو من العيار /24/ قيراط. و القيراط يعادل نسبة مئوية هي 4.167 % من محتوى القطعة الذهبية. فتكون نسبة الذهب في القطعة من العيار /18/ (يعني 18 قيراط) يساوي (18×4.167 أي 75% ذهب).
وعندما نقول عبارة (نقاوة الذهب) في سبيكة مثلاً، فإننا نعني الأجزاء من الألف لنسبة معدن الذهب الموجودة في السبيكة. فإذا أردنا ترجمة الرقم الموجود على سبيكة ذهبية، والمكون من (999) مثلاً، فإن ذلك يعني نقاوة نسبتها (99.9 %).
تمييز الذهب المغشوش من معدن الذهب الأصلي:
هنالك طرق متعددة لكشف الذهب المغشوش أو المزور أو المصاغ المطلي بالذهب، وغيرها من أساليب الغش:
أولاً. الطرق الكيميائية:
1 – الخل المنزلي:
وفي هذه الطريقة توضع القطعة الذهبية المراد فحصها في أحد الحموض المستخدمة في المنزل. مثل خل الطعام. ويكشف غشها إذا أعطت القطعة لوناً أسود. أما إذا بقيت على لمعانها، فتأكد من كونها من معدن الذهب، وأنها صحيحة غير مغشوشة.
2 – الحموض:
فإذا بقي لديك شك، وأردت المزيد من التيقن بالطريقة الكيميائية، فيمكنك استعمال أحد الحموض القوية. مثل حمض الآزوت أو حمض الكلور الذين يستطيعان التفاعل مع كل المعادن، إلا معدن الذهب. لكن احذر عند الاستعمال من أن يلامس الحمض بشرتك. واتركه بعيداً عن متناول من لا يعرف تأثيره الحارق.
ثانياً. الطرق الفيزيائية:
1 – الحك:
وبهذه الطريقة نهدف لمعرفة غش الذهب بالنحاس. شريطة أن يتم الحك على سطح ناعم صقيل، مثل قطعة من السيراميك؛ كيلا نضيع الأثر اللازم للكشف. فإذا كانت القطعة المراد فحصها مغشوشة بالنحاس، فإنها ستترك خطاً على قطعة السيراميك. فيما تلمع القطعة من معدن الذهب دون ترك علامة على السيراميك.
2 – الجاذبية المغناطيسية:
نهدف من هذه الطريقة إلى كشف الغش بوجود نسبة من الحديد في القطعة الذهبية. أو أن تكون القطعة الذهبية كما تبدو ظاهرياً لأنها مطلية بالذهب، أما باطنها فمصنوع من الحديد. وهذه من الطرق السهلة.
نقرب القطعة الذهبية من أي مغناطيس. فإذا انجذبت له بقوة، فإن القطعة من الحديد و ملبسة أو مطلية بالذهب. أما إذا كان الانجذاب ضعيفاً – ومهما كان ضعيفاً – فإن في القطعة نسبة ما من الحديد، فهي مغشوشة.
أما معدن الذهب غير المغشوش أو المزور، فلا يتأثر بالجاذبية المغناطيسية إطلاقاً.
ثالثاً. الطرق التجارية أو ضمان الحرفة
و في العادة، تضمن جهة حرفية (جمعية الصاغة مثلاً) المصوغات الذهبية. وذلك عن طريق وضع خاتم لها. وبترخيص جهة رسمية في الدولة (حسب نظام بيع الذهب فيها). تحدد فيه أيضاً عيار معدن الذهب في قطعة الحلي. كما تضمن المهنة بترخيصها العمل في هذا المجال، لأصحاب محال البيع، أو صناعة المصوغات.
وفي هذه الطريقة يكفي التأكد من الشراء من محل مرخص. و التأكد من وجود الختم خلف القطعة، (الدمغة كما تسمى في مصر).
استخدامات معدن الذهب
أ – الاستخدامات تبعاً لمميزات معدن الذهب:
يظن المرء أن الذهب يستخدم في الحلي و المصوغات الذهبية التي تتزين بها النساء قبل أن يتعرف على استخداماته المتنوعة. حيث تتنوع هذه الاستخدامات بالتوازي مع الميزات التي يمتلكها هذا المعدن المميز النادر، فهو يتميز بالنواحي التالية:
-
كيميائياً:
- إن معدن الذهب لا يتأثر بالحموض والأسس (القلويات) و باقي المواد الموجودة حولنا في الطبيعة. وكذلك بعدم تأثره بالظروف الجوية من مناخ حار أو بارد، أو رطوبة عالية أو منخفضة.
-
فيزيائياً:
- يتميز بناقليته العالية للتيار الكهربائي، ومقاومته العالية للتآكل.
-
اقتصادياً:
- يتميز بقيمته العالية. بل بأنه احتياطي العملات، وحافظ القيمة الاقتصادية لها، ومؤشر لارتفاعها أو انخفاضها. وقد استخدم منذ القديم في صك العملة المعدنية، بسبب هذه القيمة الاقتصادية الكبيرة. إلى أن انتهى استخدامه كعملة متداولة، بحلول العملات الورقية.
ب – استخداماته تبعاً لمجالات استعمال معدن الذهب:
يوجد للذهب مجالات استعمال متعددة من أهمها:
1 – على مستوى الدول:
تمتلئ خزائن البنوك المركزية والخاصة في العالم بآلاف الأطنان من السبائك الذهبية، بما يعادل قيمة عملتها الوطنية بالحد الأدنى. وهذه تعادل أرقاماً فلكية وتعبر عن حجم التبادلات التجارية حول العالم. فتستخدم كاحتياطي للعملات الوطنية لحفظ قيمتها الاقتصادية.
2 – على مستوى الأفراد:
يلجأ الأفراد والأسر لشراء الذهب كملاذ آمن من انخفاض القيمة الحقيقية للعملات، بأشكاله المختلفة: مصوغات وحلي، ليرات ذهبية أو أجزاؤها (أرباع أو أنصاف ليرات) أو سبائك صغيرة. فيستخدم كحافظ لثروة الأسرة.
3 – في المجال الفني والجمالي:
للذهب ميزات جمالية تحب النساء غالباً، وأحياناً الرجال أيضاً، التزين بها. وقد انتشر فن قديم حديث في صناعة الحلي و المصوغات الذهبية، بما فيها تيجان الملوك والأمراء في كل أنحاء المعمورة والاكسسوارات اللازمة لإظهار العظمة والفخامة والغنى. ومازالت الشواهد التاريخية والأثرية تظهر قيمة الفنون التي كان معدن الذهب مادتها الأولية، ليس في الحلي والمجوهرات فقط، إنما في العمارة ( أماكن العبادة الدينية، وقصور الملوك والسلاطين والقياصرة)، كذلك في صناعة التماثيل التي تصور بشراً أو حيوانات أو أشكالاً مجردة لها قيمتها العالية لدى مختلف الأقوام.
4 – في مجال تقدير التميز:
بالإضافة للقيمة الجمالية و الاقتصادية، استخدم الذهب في تقدير جهود المتميزين في كل المجالات. فتم تقديم الميداليات الذهبية والدروع التقديرية الذهبية والسيوف الذهبية… إلخ للمتفوقين في اختصاصاتهم، ومنها الجوائز الرياضية. وأهمها على المستوى الشعبي العالمي هو كأس العالم لكرة القدم، والمصنوع من الذهب.
- يمكنك الاطلاع على مقال: صناعة كأس العالم
5 – في المجال التقني:
يستخدم الذهب أيضاً في صناعة الأجهزة الإلكترونية. بسبب ميزاته الفيزيائية الكهربائية و الكيميائية. ما يجعله مثالياً للأجهزة الإلكترونية، التي تحتاج إلى جهد منخفض، كالهواتف المحمولة، والتلفزيونات، والدارات الإلكترونية للأجهزة الهامة و الحواسيب التي تتطلب عمراً مديداً و كفاءة عالية.
6 – في المجال الطبي:
يستخدم الذهب في طب الأسنان، بسبب ميزاته المذكورة وعدم تفاعله مع جسم الإنسان والمفرزات الفموية، وبسبب سهولة التعامل معه في صناعة لوازم الأسنان، وتشكيله لدى الحاجة للحشوات الطبية التجميلية.
خاتمة:
لم يكن الاهتمام بالذهب، المعدن الأكثر تميزاً، مسألة اقتصادية وحسب، على الرغم من أهمية الاقتصاد. لكن ذلك لم ينبع من فراغ، فالخواص الفيزيائية والكيميائية والميكانيكية أكسبته التميز، وبالتالي القيمة الاستعمالية العالية، زاد عليها بما له من جماليات اكتسبها من الفن الإنساني، وبريقاً أعطاه تألقاً أخذه من أصله اللماع.
يمكنك الاطلاع على الرابط الخاص بالذهب على ويكيبيديا أيضاً
لمتابعة أحدث الأخبار في مجال الصناعة تواصلوا معنا على الأرقام التالية:
VISIT US FOR DETAILS
WWW.INDUSTMAP.COM
CALL US FOR DETAILS
+90 (212)7068533
+90 5360188533
